تمويل ضخم لتحلية المياه في السعودية- شراكة لدعم رؤية 2030

في خطوة بارزة تعكس التزامها بتطوير البنية التحتية المستدامة، أبرمت الهيئة السعودية للمياه اتفاقية تمويلية هامة مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB)، بالإضافة إلى صندوق البنية التحتية الوطني السعودي. تهدف هذه الاتفاقية الطموحة إلى دعم مشروع استراتيجي ضخم يرمي إلى تطوير البنية التحتية لمنظومتي تحلية مياه البحر في مدينتي الجبيل والخبر، وذلك على مرحلتين. وقد بلغت القيمة الإجمالية لهذا التمويل حوالي (650) مليون دولار أمريكي، وتم توقيع هذه الاتفاقية على هامش فعاليات الاجتماع السنوي العاشر لمجلس محافظي البنك الآسيوي، والذي انعقد في مدينة بكين بتاريخ 26 يونيو 2025.
وقد شهد حفل التوقيع حضوراً رفيع المستوى، حيث قام بتوقيع خطاب الالتزام كل من المهندس شارخ الشارخ، نائب رئيس الهيئة السعودية للمياه للشؤون الفنية والمشاريع، والمهندس عبدالله الزويد، رئيس أعمال التحلية، بالإضافة إلى نجيب حيدر، مدير عام تمويل المشاريع والشركات في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وسطام الجهني، الرئيس التنفيذي للمالية في صندوق البنية التحتية الوطني، والذي شغل منصب الرئيس التنفيذي المكلف للاستثمار.
وتعتبر هذه الاتفاقية بمثابة استكمال للإعلان المشترك الذي تم توقيعه في مطلع العام الحالي بين البنك الآسيوي وحكومة المملكة العربية السعودية. وقد وضع هذا الإعلان إطاراً شاملاً للتعاون المثمر والطويل الأمد في مجالات حيوية مثل المياه، والصرف الصحي، والطاقة المتجددة، والنقل المستدام، وتطوير المدن. ويركز المشروع بشكل خاص على تطوير منظومة إنتاج الجبيل في مرحلتها الأولى، بالإضافة إلى منظومة إنتاج الخبر في مرحلتها الثانية، وذلك من خلال التحول من تقنيات التحلية الحرارية متعددة المراحل إلى تقنية التناضح العكسي (RO) المتطورة. ويهدف هذا التحول إلى تحقيق قفزة نوعية في كفاءة استهلاك الطاقة، وزيادة القدرة الإنتاجية للمياه، وإطالة العمر التشغيلي للمنظومتين لمدة تصل إلى (20) عاماً إضافية، بما يتماشى مع أهداف المملكة الطموحة في مجالي الاستدامة والمناخ، والتي تمثل جزءًا لا يتجزأ من رؤية السعودية 2030.
وقد حقق مشروع منظومة إنتاج الخبر المرحلة الثانية إنجازاً رائداً بتسجيله الرقم القياسي الأول كأكبر محطة تحلية لمياه البحر تعمل بتقنية التناضح العكسي (RO) على مستوى العالم. وقد بلغت القدرة الإنتاجية لهذه المحطة العملاقة (670,852.4) متر مكعب يومياً، وتم بناؤها على أصغر مساحة أرض مقارنة بنظيراتها في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل تطبيق المنهجيات التقنية والهندسة القيمية المبتكرة.
وبموجب تفاصيل الاتفاقية، سيتولى البنك الآسيوي توفير تمويل سخي يتجاوز (1.6) مليار ريال سعودي (ما يعادل 450 مليون دولار أمريكي)، وتعتبر هذه الصفقة من بين أكبر صفقات التمويل المؤسسي غير السيادي التي يدعمها البنك الآسيوي حتى الآن، مما يعزز الشراكة القوية بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية. وفي المقابل، سيقدم الصندوق تمويلاً إضافياً بقيمة (750) مليون ريال سعودي (ما يعادل 200 مليون دولار أمريكي)، حيث يمثل قطاع المياه أحد أبرز القطاعات التي يستهدفها الصندوق، وذلك نظراً لدوره الحيوي في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وأكد المهندس شارخ الشارخ، نائب رئيس الهيئة السعودية للمياه للشؤون الفنية والمشاريع، على أن هذه الاتفاقية تجسد نموذجاً يحتذى به للشراكة الفعالة بين المملكة ومؤسسات التمويل الدولية، وذلك بهدف دعم تطوير البنية التحتية الحيوية للمياه. كما أشار إلى أن هذا التمويل يمثل خطوة هامة نحو تعزيز استدامة قطاع المياه، وتحقيق التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة، ورفع كفاءة المشاريع الوطنية. وأضاف أن هذا الاتفاق يؤكد ثقة المؤسسات العالمية في قدرة المملكة على تنفيذ مشاريع نوعية تسهم في التنمية المستدامة وتدعم مستهدفات رؤية 2030 في تطوير قطاع المياه والبنية التحتية. ومن جانبه، صرح كونستانتين ليميتوفسكي، الرئيس التنفيذي للاستثمار في القطاع العام وتمويل المشاريع والعملاء المؤسسيين الدوليين (المنطقة 2) في البنك الآسيوي، بأن هذه الصفقة تعكس التزام البنك الآسيوي الراسخ بدعم البنية التحتية المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأضاف أنه من خلال دعم تحديث أصول التحلية، فإن البنك يساهم في تعزيز القدرة على التكيف المناخي، وكفاءة الطاقة، وأمن المياه على المدى الطويل في المملكة. وبدوره، أعرب سطام الجهني، الرئيس التنفيذي للاستثمار المكلّف في الصندوق، عن سعادته بالتعاون مع البنك الآسيوي والهيئة السعودية للمياه في هذا المشروع الهام، مؤكداً أنه يمثل خطوة بناءة نحو تعزيز الشراكة الدولية لدعم البنية التحتية الحيوية في المملكة. كما رحب بهذه الفرصة التي تسهم في تيسير توسع البنك الآسيوي في المنطقة من خلال أولى صفقاته التمويلية في المملكة، مشيراً إلى أن هذا المشروع يتماشى مع أولويات الأطراف الموقعة في تطوير بنية تحتية مرنة قادرة على التكيف مع تغيرات المناخ، مما يعزز من جاهزيتها لمواجهة التحديات المستقبلية وتحقيق التنمية المستدامة.